بحـث
المواضيع الأخيرة
خوارق العادة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
خوارق العادة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
خوارق العادة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم
وما أجـراه الله على يد الرسول صلى الله عليه وسلم من خوارق العادة كثيرة جداً، وجميعه من بركات النبي صلى الله عليه وسلم، ودلائل نبوته وآيات صدقه، ومن أنواع الرحمات التي أنزلها الله على نبيه صلى الله عليه وسلم.
فمن ذلك: تكثير الماء القليل ليكون ماءاً كثيراً، وتكثير الطعام القليل ليكفي جيشاً كاملاً ونزول المطر بدعائه في التو والحال، وارتفاعه بدعائه في التو والحال، وتسبيح الحصا في يده، وحنين الجـذع إليه، ومجيء الشجرة إليه تخد الأرض خداً ورجوعها إلى مكانها بأمره، وتكثير المقدار القليل من الذهب ليصبح كثيراً، والمقدار القليل من التمر ليصبح كثيراً، ورده عن أبي قتادة عينه بعد أن سالت على خده، فأصبحت أفضل من السليمة، وصرعه صلى الله عليه وسلم ركانـة بن الحارث ثلاث مرات، وكان لا يصرع قط، ولم يضجعه أحد قط، وتحول العرجـون بأمره إلى سيف، ومن أعظم ذلك كله انتصاره بالعدد القليل من المؤمنين على العدد الكبير من الكافرين، فإن هذا من أعظم خوارق العادات ومن أجل الكرامات، وأوضح الدلالات والآيات أنه رسول الله المؤيد بنصره وتمكينه!!
تكثير الماء القليل ليصبح كثيراً:
وهذه الآية قد وقعت مراراً للنبي صلى الله عليه وسلم فكلما عطش المسلمون في سفر أو حضر كانوا يلجئون إلى الرسـول صلى الله عليه وسلم فيسقيهم الله ببركة من بركات هذا النبي وبآية من آيات الله، وقد جاء هذا بصور كثيرة، فتارة ينبع الماء من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، فيشرب القوم ويملئون قرابهم وهم عدد كبير، وتارة يبارك الرسول في مزادة فتنفجر بالماء إلى أن يسقي القوم، وتارة بضرب الرسول سهماً في بئر جافة فتفور بالماء، وتارة يبارك على عين جافة فيجري ماؤها...
وهذه بعض الروايات في هذا الصدد:
(1) الماء يتفجر من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم:
قال البخاري رحمه الله: حدثنا عبدالرحمن بن مبارك حدثنا حزم قال سمعت الحسن قال: حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: [خرج النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مخارجه ومعه ناس من أصحابه، فانطلقوا يسيرون، فحضرت الصلاة، فلم يجدوا ماءاً يتوضأون، فانطلق رجل من القوم فجاء بقدح من ماء يسير فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثم مد أصابعه الأربع على القدح ثم قال: [قوموا فتوضأوا]، فتوضأ القوم حتى بلغوا ما يريدون من الوضوء وكانوا سبعين أو نحوه. (6/581)
وقال البخاري رحمه الله: حدثنا أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله عنه: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بإناء وهو بالزوراء (وهو مكان في المدينة)، فوضع يده في الإناء، فجعل الماء ينبع من بين أصابعه، فتوضأ القوم قال قتادة: قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاثمائة أو زهاء ثلاثمائة. (6/580)
(2) بركة النبي صلى الله عليه وسلم من بين مزادة امرأة مشركة:
قـال البخاري رحمه الله: حدثنا مسدد قال حدثني يحيى بن سعيد قال حدثنا عوف قال حدثنا أبو رجاء عن عمران قال: كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم، وانا أسرينا حتى إذا كنا في آخر الليل وقعنا وقعة ولا وقعة أحلى عند المسافر منها، فما أيقظنا إلا حر الشمس، وكان أول من استيقظ فلان، ثم فلان، ثم فلان، يسميهم أبو رجـاء، فنسي عوف، ثم عمر بن الخطاب الرابع، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام لم يوقـظ حتى يكون هـو يستيقظ لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه، فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس وكان رجلاً جليداً، فكبر ورفع صوته بالتكبير فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته النبي صلى الله عليه وسلم فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم، قال: [لا ضير، ارتحلوا]، فارتحل فسار غير بعيد، ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ ونودي للصلاة فصلى بالناس فلما انفتل من صلاته إذا هو برجـل معتزل لم يصل مع القوم قال: [ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟] قال أصابتني جنابة ولا ماء. قال: [عليك بالصعيد فإنه يكفيك].
ثم سار النبي صلى الله عليه وسلم فاشتكى إليه الناس من العطش فنزل فدعا فلاناً كان يسميه أبو رجاء نسيه عوف، ودعا علياً فقال: [اذهبا فابتغيا الماء]، فانطلقا فتلقيا امرأة بين مزادتين أو سطيحتين من ماء على بعير لها. فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة ونفرنا خلوفاً، قالا لها: انطلقي إذا. قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: الذي يقال له الصابئ؟ قالا: هو الذي تعنين. فانطلقي، فجاءا بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحدثناه الحديث. قـال فاستنزلوها عن بعيرها ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء ففرغ فيه من أفواه المزادتين أو السطيحتين وأوكأ أفواهما، واطلق العزالي ونودي في الناس اسقوا واستقوا فسقي من شاء واستقى من شاء، وكان آخـر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء قال: [اذهب فأفرغه عليك]، وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها وأيم الله لقد أقلع عنها وإنه ليخيل إلينا أنها أشد ملاءة منها حين ابتدأ فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [اجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة] حتى جمعوا لها طعاماً، فجعلوها في ثوب وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يدها
قـال لها صلى الله عليه وسلم: [تعلمين مارزئنا من مائك شيئاً ولكن الله هو الذي أسقانا] فأتت أهلها وقد احتبست عنهم قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجب لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له الصابئ، ففعل كذا وكذا فوالله إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه، وقالت باصبعيها الوسطى والسبابة فرفعتهما إلى السماء تعني السماء والأرض أو إنه لرسول الله حقاً، فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولهـا من المشركين، ولا يصيبون الصرم الذي هي منه، فقالت يوماً لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمداً، فهل لكم في الإسلام؟ فأطاعوا فدخلوا في الإسلام.
(4) الماء يتفجر من البئر بسهم من كنانة النبي صلى الله عليه وسلم:
قـال البخاري رحمه الله: حدثني عبدالله بن محمد، حدثنا عبدالرزاق أخبرنا معمر قال: أخبرني الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان –يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه- قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه وسلم: [إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة، فخذوه ذات اليمين]، فوالله ما شعر بهم خالد، إذا هم بقترة الجيش فانطلق يركض نذيراً لقريش، وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بكرت به راحلته، فقال الناس: حل حل، فألحت. فقالوا: خلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل]، ثم قال: [والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها] ثم زجرها فوثبت..
قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضاً، فلم يلبث الناس حتى نزحوه، وشكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش، فانتزع سهماً من كنانته ثم أمرهـم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة -وكانوا عيبة نصح رسول الله من أهل تهامة- فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية ومعهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إنا لم نجئ لقتال أحد، ولكن جئنا معتمرين، وإن قريشاَ قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم، فإن شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جموا، وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره]. فقال بديل: سأبلغهم ما تقـول. قال: فانطلق حتى أتى قريشاً قال: إنا جئناكم من هذا الرجـل وسمعناه يقول قولاً فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجـة لنا أن تخبرونا عنه بشيء، وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول. قال: سمعته يقول كذا وكذا فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عروة بن مسعود فقال: أي قوم ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى. قال أو لست بالولد؟ قالوا: بلى. قال: فهل تتهموني؟ قالوا: لا. قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي ومالي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد اقبلوها ودعوني آته. قالوا: أئته، فأتاه فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي نحو من قوله لبديل.
فقال عروة عند ذلك: أي محمد أرأيت إن استأصلت أمر قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى فإني والله لا أرى وجوهاً، وإني لأرى أوشاباً من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر: أمصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر. قال: زما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك. قال: وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فكلما تكلم بكلمة أخذ بلحيته والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم، فرفع عروة رأسه فقال: من هذا؟ قال: المغيرة بن شعبة. فقال: أي غدر؟! ألست أسعى في غدرتك؟ وكان المغيرة صحب قوماً في الجاهلية وقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء]، ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه.
قـال: فوالله ما تنخم رسول الله نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحـدون إليه النظر تعظيماً له، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت مليكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظـم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمداً، والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيماً له، وإنه قـد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها. فقال رجل من بني كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: أئته، فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال صلى الله عليه وسلم: [هذا فلان وهو من قـوم يعظمون البدن فابعثوها له]، فبعثت له واستقلبه الناس يلبون، فلما رأى ذلك قـال: سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت فما أرى أن يصدوا عن البيت، فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص فقال: دعوني آته. فقالوا: أئته، فلما أشرف عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: [هذا مكرز وهو رجل فاجر]، فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو.
قال معمر فأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم: [قد سهل لكم من أمركم]. قال معمر قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات أكتب بيننا وبينكم كتاباً، فدعـا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [بسم الله الرحمن الرحيم]، فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هي، ولكن اكتب باسمك اللهم، كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [اكتب باسمك اللهم]، ثم قال: [هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم]. فقـال سهيل: والله لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبدالله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبدالله]!!
قال الزهري: وذلك لقوله: لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: [على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به]. فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب على أنا أخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب فقـال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجـل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا. قال المسلمون: سبحان الله كيف يرد إلى المشركين، وقد جاء مسلماً؟ فبينما هم كذلك، إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرفس قيوده وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمـد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [إنا لم نقض الكتاب بعد]. قـال: فوالله إذاً لم أصالحك على شيء أبداً. قال النبي صلى الله عليه وسلم: [فأجزه لي]. قال: ما أنا بمجيزه لك.
قال: [بلى فافعل]. قال: ما أنا بفاعل. قال مكرز: قد أجزناه لك. قال أبو جندل: أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذاباً شديداً في الله. قل: فقال عمر بن الخطاب: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقاً؟ قال: [بلى]. قلت: ألست على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: [بلى]. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: [إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري]. قلت: أو لست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت نطوف به؟ قال: [بلى، فأخبرتك أنا نأتيه هذا العام؟]، قال: قلت: لا. قال: [فأنك آتيه ومطوف به]. قال: فأتيت أبا بكر فقلت له: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقاً؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: أيها الرجل إنه لرسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق، قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا. قال: فإنك آتيه ومطوف به.
قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً. قال: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: [قوموا فانحروا ثم احلقوا]. قال فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ فأخـرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فليحلقك، فخرج فلم يكلم أحداً حتى فعل ذلك نحر ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً. ثم جاء نسوة مؤمنات فأنزل الله تعالى: (يا أيها الذين أمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن) حتى بلغ (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فجاءه أبو بصير رجل من قريش، وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا. فدفعه إلى الرجلين فخـرجا به حتى بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم. فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيداً، فاستله الآخر فقال: أجل والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت فقال أبو بصير: أرني انظر إليه، فأمكنه منه فضربه حتى برد.
وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه: [لقد رأى هذا ذعراً]، فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليه ثم أنجاني الله منهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد] ، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر. قال: وينفلت أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بِعيرٍ خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم، وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده -الله والرحم- لما أرسل فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي صلى الله عليه وسـلم إليهم، فأنزل الله تعالى: (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم) حتى بلغ (الحمية حمية الجاهلية) وكانت حميتهم أنهم لم يقـروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينهم وبين البيت.
(5) الرسول صلى الله عليه وسلم يفجر عيناً في طريق تبوك:
قال الإمام أحمد رحمه الله: ثنا يزيد بن هارون أنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبدالله بن رباح عن أبي قتادة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال: [إنكم إن لا تدركوا الماء غداً تعطشوا]، وانطلق سرعان الناس يريدون الماء ولزمت رسول الله صلى الله عليه وسلم فمالت برسـول الله راحلته، فنعس رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعمته فأدعم، ثم مال فدعمته فأدعم، ثم مال حتى كان أن ينجفل عن راحلته فدعمته فانتبه، فقال: [من الرجل؟] قلت: أبو قتادة. قال: [من كم كان مسيرك؟] قلت: منذ الليلة. قال: [حفظك الله كما حفظت رسوله] ، ثم قال: [لو عرسنا]، فمال إلى شجرة فنزل، فقال: [انظر هل ترى أحداً؟] قلت: هذا راكب، هذان راكبان حتى بلغ سبعة، فقال: [احفظوا علينا صلاتنا]، فنمنا فما أيقظنا إلا حـر الشمس فانتبهنا، فركب رسول الله فسار وسرنا هنيهة ثم نزل، فقال: [أمعكم ماء؟] قـال: قلت: نعم معي ميضأة فيها شيء من ماء. قال: [أئتني بها]، فأتيته بها، فقال: [مسوا منها، مسوا منها]، فتوضأ القوم وبقيت جرعة فقال: [ازدهر بها يا أبا قتادة فإنه سيكون لها نبأ]، ثم أذن بلال وصلوا الركعتين قبل الفجـر، ثم صلوا الفجر، ثم ركب وركبنا فقال بعضهم لبعض فرطنا في صلاتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ما تقولون؟ إن كان أمر دنياكم فشأنكم وإن كان أمر دينكم فإلي]. قلنا: يا رسول الله فرطنا في صلاتنا. فقال: [في النوم إنما التفريط في اليقظة، فإذا كان ذلك فصلوها من الغد وقتها]، ثم قال: [ظنوا بالقوم]. فقالوا: إنك قلت بالأمس: إلا تداركوا الماء غداً تعطشوا، فالناس بالماء. فقال: [أصبح الناس وقد فقدوا نبيهم]..
فقال بعضهم لبعض: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن ليسبقكم إلى الماء ويخلفكم، وإن يطع الناس أبا بكر وعمر يرشدوا -قالها ثلاثاً- فلما اشتد الظهيرة رفع لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله هلكنا عطشا تقطعت الأعناق فقال: [لا هلك عليكم]. ثم قال: [يا أبا قتادة أئت بالميضأة]، فأتيت بها، فقال: [احلل لي غمري] يعني قدحه، فحللته فأتيت به فجعل يصب فيه ويسقي الناس فازدحم الناس عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [يا أيها الناس أحسنوا الملأ فكلكم سيصدر عن ري]، فشرب القوم حتى لم يبق غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصب لي فقال: [اشرب يا أبا قتادة]. قال: قلت: أنت يا رسول الله. قـال: [إن ساقي القوم آخرهم]، فشربت وشرب بعدي، وبقي في الميضأة نحو مما كان فيها وهم يومئذ ثلاثمائة).
وقـال مسلم رحمه الله: حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن الزارمي حدثنا أبو علي الحمصي حدثنا مالك (وهو أبو أنس) عن أبي الزبير المكي أن أبا الطفيل عامر بن واثلة أخبره أن معاذ بن جبل أخبره قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك، فكان يجمع الصلاة، فصلى الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً، حتى إذا كان يوماً أخر الصلاة، ثم خـرج فصلى الظهر والعصر جميعاً ثم دخل، ثم خرج بعد ذلك فصلى المغرب والعشاء جميعاً، ثم قال: [إنكم ستأتون غداً إن شاء الله عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يضحي النهار فمن جاءها منكم فلا يمس من مائها شيئاً حتى آتي] فجئناها وقد سبقنا إليها رجلان، والعين مثل الشراك تبض بشيء من ماء قال فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: [هل مسستما من مائها شيئاً]. قالا: نعم، فسبهما النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهما ما شاء الله أن يقول.
قال: ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلاً حتى اجتمع في شيء. قال: وغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يديه ووجهه ثم أعاد فيها، فجرت العين بماء منهمر أو قال غزير -شك أبو علي أيهما قال- حتى استسقى الناس ثم قال: [يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ههنا قد ملئ جناناً ]. (3/1784)
نقلا عن الناجي سيد أحمد من صفحته على الفيس بوك
خوارق العادة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم
وما أجـراه الله على يد الرسول صلى الله عليه وسلم من خوارق العادة كثيرة جداً، وجميعه من بركات النبي صلى الله عليه وسلم، ودلائل نبوته وآيات صدقه، ومن أنواع الرحمات التي أنزلها الله على نبيه صلى الله عليه وسلم.
فمن ذلك: تكثير الماء القليل ليكون ماءاً كثيراً، وتكثير الطعام القليل ليكفي جيشاً كاملاً ونزول المطر بدعائه في التو والحال، وارتفاعه بدعائه في التو والحال، وتسبيح الحصا في يده، وحنين الجـذع إليه، ومجيء الشجرة إليه تخد الأرض خداً ورجوعها إلى مكانها بأمره، وتكثير المقدار القليل من الذهب ليصبح كثيراً، والمقدار القليل من التمر ليصبح كثيراً، ورده عن أبي قتادة عينه بعد أن سالت على خده، فأصبحت أفضل من السليمة، وصرعه صلى الله عليه وسلم ركانـة بن الحارث ثلاث مرات، وكان لا يصرع قط، ولم يضجعه أحد قط، وتحول العرجـون بأمره إلى سيف، ومن أعظم ذلك كله انتصاره بالعدد القليل من المؤمنين على العدد الكبير من الكافرين، فإن هذا من أعظم خوارق العادات ومن أجل الكرامات، وأوضح الدلالات والآيات أنه رسول الله المؤيد بنصره وتمكينه!!
تكثير الماء القليل ليصبح كثيراً:
وهذه الآية قد وقعت مراراً للنبي صلى الله عليه وسلم فكلما عطش المسلمون في سفر أو حضر كانوا يلجئون إلى الرسـول صلى الله عليه وسلم فيسقيهم الله ببركة من بركات هذا النبي وبآية من آيات الله، وقد جاء هذا بصور كثيرة، فتارة ينبع الماء من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، فيشرب القوم ويملئون قرابهم وهم عدد كبير، وتارة يبارك الرسول في مزادة فتنفجر بالماء إلى أن يسقي القوم، وتارة بضرب الرسول سهماً في بئر جافة فتفور بالماء، وتارة يبارك على عين جافة فيجري ماؤها...
وهذه بعض الروايات في هذا الصدد:
(1) الماء يتفجر من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم:
قال البخاري رحمه الله: حدثنا عبدالرحمن بن مبارك حدثنا حزم قال سمعت الحسن قال: حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: [خرج النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مخارجه ومعه ناس من أصحابه، فانطلقوا يسيرون، فحضرت الصلاة، فلم يجدوا ماءاً يتوضأون، فانطلق رجل من القوم فجاء بقدح من ماء يسير فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثم مد أصابعه الأربع على القدح ثم قال: [قوموا فتوضأوا]، فتوضأ القوم حتى بلغوا ما يريدون من الوضوء وكانوا سبعين أو نحوه. (6/581)
وقال البخاري رحمه الله: حدثنا أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله عنه: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بإناء وهو بالزوراء (وهو مكان في المدينة)، فوضع يده في الإناء، فجعل الماء ينبع من بين أصابعه، فتوضأ القوم قال قتادة: قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاثمائة أو زهاء ثلاثمائة. (6/580)
(2) بركة النبي صلى الله عليه وسلم من بين مزادة امرأة مشركة:
قـال البخاري رحمه الله: حدثنا مسدد قال حدثني يحيى بن سعيد قال حدثنا عوف قال حدثنا أبو رجاء عن عمران قال: كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم، وانا أسرينا حتى إذا كنا في آخر الليل وقعنا وقعة ولا وقعة أحلى عند المسافر منها، فما أيقظنا إلا حر الشمس، وكان أول من استيقظ فلان، ثم فلان، ثم فلان، يسميهم أبو رجـاء، فنسي عوف، ثم عمر بن الخطاب الرابع، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام لم يوقـظ حتى يكون هـو يستيقظ لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه، فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس وكان رجلاً جليداً، فكبر ورفع صوته بالتكبير فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته النبي صلى الله عليه وسلم فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم، قال: [لا ضير، ارتحلوا]، فارتحل فسار غير بعيد، ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ ونودي للصلاة فصلى بالناس فلما انفتل من صلاته إذا هو برجـل معتزل لم يصل مع القوم قال: [ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟] قال أصابتني جنابة ولا ماء. قال: [عليك بالصعيد فإنه يكفيك].
ثم سار النبي صلى الله عليه وسلم فاشتكى إليه الناس من العطش فنزل فدعا فلاناً كان يسميه أبو رجاء نسيه عوف، ودعا علياً فقال: [اذهبا فابتغيا الماء]، فانطلقا فتلقيا امرأة بين مزادتين أو سطيحتين من ماء على بعير لها. فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة ونفرنا خلوفاً، قالا لها: انطلقي إذا. قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: الذي يقال له الصابئ؟ قالا: هو الذي تعنين. فانطلقي، فجاءا بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحدثناه الحديث. قـال فاستنزلوها عن بعيرها ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء ففرغ فيه من أفواه المزادتين أو السطيحتين وأوكأ أفواهما، واطلق العزالي ونودي في الناس اسقوا واستقوا فسقي من شاء واستقى من شاء، وكان آخـر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء قال: [اذهب فأفرغه عليك]، وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها وأيم الله لقد أقلع عنها وإنه ليخيل إلينا أنها أشد ملاءة منها حين ابتدأ فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [اجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة] حتى جمعوا لها طعاماً، فجعلوها في ثوب وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يدها
قـال لها صلى الله عليه وسلم: [تعلمين مارزئنا من مائك شيئاً ولكن الله هو الذي أسقانا] فأتت أهلها وقد احتبست عنهم قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجب لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له الصابئ، ففعل كذا وكذا فوالله إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه، وقالت باصبعيها الوسطى والسبابة فرفعتهما إلى السماء تعني السماء والأرض أو إنه لرسول الله حقاً، فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولهـا من المشركين، ولا يصيبون الصرم الذي هي منه، فقالت يوماً لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمداً، فهل لكم في الإسلام؟ فأطاعوا فدخلوا في الإسلام.
(4) الماء يتفجر من البئر بسهم من كنانة النبي صلى الله عليه وسلم:
قـال البخاري رحمه الله: حدثني عبدالله بن محمد، حدثنا عبدالرزاق أخبرنا معمر قال: أخبرني الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان –يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه- قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه وسلم: [إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة، فخذوه ذات اليمين]، فوالله ما شعر بهم خالد، إذا هم بقترة الجيش فانطلق يركض نذيراً لقريش، وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بكرت به راحلته، فقال الناس: حل حل، فألحت. فقالوا: خلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل]، ثم قال: [والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها] ثم زجرها فوثبت..
قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضاً، فلم يلبث الناس حتى نزحوه، وشكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش، فانتزع سهماً من كنانته ثم أمرهـم أن يجعلوه فيه، فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه، فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة -وكانوا عيبة نصح رسول الله من أهل تهامة- فقال: إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية ومعهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إنا لم نجئ لقتال أحد، ولكن جئنا معتمرين، وإن قريشاَ قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم، فإن شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظهر فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جموا، وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله أمره]. فقال بديل: سأبلغهم ما تقـول. قال: فانطلق حتى أتى قريشاً قال: إنا جئناكم من هذا الرجـل وسمعناه يقول قولاً فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا، فقال سفهاؤهم: لا حاجـة لنا أن تخبرونا عنه بشيء، وقال ذوو الرأي منهم: هات ما سمعته يقول. قال: سمعته يقول كذا وكذا فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فقام عروة بن مسعود فقال: أي قوم ألستم بالوالد؟ قالوا: بلى. قال أو لست بالولد؟ قالوا: بلى. قال: فهل تتهموني؟ قالوا: لا. قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي ومالي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد اقبلوها ودعوني آته. قالوا: أئته، فأتاه فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي نحو من قوله لبديل.
فقال عروة عند ذلك: أي محمد أرأيت إن استأصلت أمر قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك؟ وإن تكن الأخرى فإني والله لا أرى وجوهاً، وإني لأرى أوشاباً من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر: أمصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر. قال: زما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك. قال: وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فكلما تكلم بكلمة أخذ بلحيته والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم، فرفع عروة رأسه فقال: من هذا؟ قال: المغيرة بن شعبة. فقال: أي غدر؟! ألست أسعى في غدرتك؟ وكان المغيرة صحب قوماً في الجاهلية وقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء]، ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه.
قـال: فوالله ما تنخم رسول الله نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحـدون إليه النظر تعظيماً له، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت مليكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظـم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم محمداً، والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيماً له، وإنه قـد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها. فقال رجل من بني كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: أئته، فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال صلى الله عليه وسلم: [هذا فلان وهو من قـوم يعظمون البدن فابعثوها له]، فبعثت له واستقلبه الناس يلبون، فلما رأى ذلك قـال: سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت فما أرى أن يصدوا عن البيت، فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص فقال: دعوني آته. فقالوا: أئته، فلما أشرف عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: [هذا مكرز وهو رجل فاجر]، فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو.
قال معمر فأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم: [قد سهل لكم من أمركم]. قال معمر قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات أكتب بيننا وبينكم كتاباً، فدعـا النبي صلى الله عليه وسلم الكاتب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [بسم الله الرحمن الرحيم]، فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هي، ولكن اكتب باسمك اللهم، كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [اكتب باسمك اللهم]، ثم قال: [هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم]. فقـال سهيل: والله لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبدالله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبدالله]!!
قال الزهري: وذلك لقوله: لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: [على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به]. فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب على أنا أخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب فقـال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منا رجـل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا. قال المسلمون: سبحان الله كيف يرد إلى المشركين، وقد جاء مسلماً؟ فبينما هم كذلك، إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرفس قيوده وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمـد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [إنا لم نقض الكتاب بعد]. قـال: فوالله إذاً لم أصالحك على شيء أبداً. قال النبي صلى الله عليه وسلم: [فأجزه لي]. قال: ما أنا بمجيزه لك.
قال: [بلى فافعل]. قال: ما أنا بفاعل. قال مكرز: قد أجزناه لك. قال أبو جندل: أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذاباً شديداً في الله. قل: فقال عمر بن الخطاب: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقاً؟ قال: [بلى]. قلت: ألست على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: [بلى]. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: [إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري]. قلت: أو لست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت نطوف به؟ قال: [بلى، فأخبرتك أنا نأتيه هذا العام؟]، قال: قلت: لا. قال: [فأنك آتيه ومطوف به]. قال: فأتيت أبا بكر فقلت له: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقاً؟ قال: بلى، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: أيها الرجل إنه لرسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق، قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا. قال: فإنك آتيه ومطوف به.
قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً. قال: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: [قوموا فانحروا ثم احلقوا]. قال فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ فأخـرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فليحلقك، فخرج فلم يكلم أحداً حتى فعل ذلك نحر ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً. ثم جاء نسوة مؤمنات فأنزل الله تعالى: (يا أيها الذين أمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن) حتى بلغ (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان، والأخرى صفوان بن أمية، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فجاءه أبو بصير رجل من قريش، وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا. فدفعه إلى الرجلين فخـرجا به حتى بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم. فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيداً، فاستله الآخر فقال: أجل والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت فقال أبو بصير: أرني انظر إليه، فأمكنه منه فضربه حتى برد.
وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه: [لقد رأى هذا ذعراً]، فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قتل والله صاحبي وإني لمقتول فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله قد والله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليه ثم أنجاني الله منهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد] ، فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر. قال: وينفلت أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة، فوالله ما يسمعون بِعيرٍ خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم، وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده -الله والرحم- لما أرسل فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي صلى الله عليه وسـلم إليهم، فأنزل الله تعالى: (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم) حتى بلغ (الحمية حمية الجاهلية) وكانت حميتهم أنهم لم يقـروا أنه نبي الله، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينهم وبين البيت.
(5) الرسول صلى الله عليه وسلم يفجر عيناً في طريق تبوك:
قال الإمام أحمد رحمه الله: ثنا يزيد بن هارون أنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبدالله بن رباح عن أبي قتادة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال: [إنكم إن لا تدركوا الماء غداً تعطشوا]، وانطلق سرعان الناس يريدون الماء ولزمت رسول الله صلى الله عليه وسلم فمالت برسـول الله راحلته، فنعس رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعمته فأدعم، ثم مال فدعمته فأدعم، ثم مال حتى كان أن ينجفل عن راحلته فدعمته فانتبه، فقال: [من الرجل؟] قلت: أبو قتادة. قال: [من كم كان مسيرك؟] قلت: منذ الليلة. قال: [حفظك الله كما حفظت رسوله] ، ثم قال: [لو عرسنا]، فمال إلى شجرة فنزل، فقال: [انظر هل ترى أحداً؟] قلت: هذا راكب، هذان راكبان حتى بلغ سبعة، فقال: [احفظوا علينا صلاتنا]، فنمنا فما أيقظنا إلا حـر الشمس فانتبهنا، فركب رسول الله فسار وسرنا هنيهة ثم نزل، فقال: [أمعكم ماء؟] قـال: قلت: نعم معي ميضأة فيها شيء من ماء. قال: [أئتني بها]، فأتيته بها، فقال: [مسوا منها، مسوا منها]، فتوضأ القوم وبقيت جرعة فقال: [ازدهر بها يا أبا قتادة فإنه سيكون لها نبأ]، ثم أذن بلال وصلوا الركعتين قبل الفجـر، ثم صلوا الفجر، ثم ركب وركبنا فقال بعضهم لبعض فرطنا في صلاتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ما تقولون؟ إن كان أمر دنياكم فشأنكم وإن كان أمر دينكم فإلي]. قلنا: يا رسول الله فرطنا في صلاتنا. فقال: [في النوم إنما التفريط في اليقظة، فإذا كان ذلك فصلوها من الغد وقتها]، ثم قال: [ظنوا بالقوم]. فقالوا: إنك قلت بالأمس: إلا تداركوا الماء غداً تعطشوا، فالناس بالماء. فقال: [أصبح الناس وقد فقدوا نبيهم]..
فقال بعضهم لبعض: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن ليسبقكم إلى الماء ويخلفكم، وإن يطع الناس أبا بكر وعمر يرشدوا -قالها ثلاثاً- فلما اشتد الظهيرة رفع لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله هلكنا عطشا تقطعت الأعناق فقال: [لا هلك عليكم]. ثم قال: [يا أبا قتادة أئت بالميضأة]، فأتيت بها، فقال: [احلل لي غمري] يعني قدحه، فحللته فأتيت به فجعل يصب فيه ويسقي الناس فازدحم الناس عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [يا أيها الناس أحسنوا الملأ فكلكم سيصدر عن ري]، فشرب القوم حتى لم يبق غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصب لي فقال: [اشرب يا أبا قتادة]. قال: قلت: أنت يا رسول الله. قـال: [إن ساقي القوم آخرهم]، فشربت وشرب بعدي، وبقي في الميضأة نحو مما كان فيها وهم يومئذ ثلاثمائة).
وقـال مسلم رحمه الله: حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن الزارمي حدثنا أبو علي الحمصي حدثنا مالك (وهو أبو أنس) عن أبي الزبير المكي أن أبا الطفيل عامر بن واثلة أخبره أن معاذ بن جبل أخبره قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك، فكان يجمع الصلاة، فصلى الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً، حتى إذا كان يوماً أخر الصلاة، ثم خـرج فصلى الظهر والعصر جميعاً ثم دخل، ثم خرج بعد ذلك فصلى المغرب والعشاء جميعاً، ثم قال: [إنكم ستأتون غداً إن شاء الله عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يضحي النهار فمن جاءها منكم فلا يمس من مائها شيئاً حتى آتي] فجئناها وقد سبقنا إليها رجلان، والعين مثل الشراك تبض بشيء من ماء قال فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: [هل مسستما من مائها شيئاً]. قالا: نعم، فسبهما النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهما ما شاء الله أن يقول.
قال: ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلاً حتى اجتمع في شيء. قال: وغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يديه ووجهه ثم أعاد فيها، فجرت العين بماء منهمر أو قال غزير -شك أبو علي أيهما قال- حتى استسقى الناس ثم قال: [يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ههنا قد ملئ جناناً ]. (3/1784)
نقلا عن الناجي سيد أحمد من صفحته على الفيس بوك
مواضيع مماثلة
» فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
» تعدد زوجات الرسول صلي الله عليه وسلم
» قصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم الى الطائف
» ترجمة مختصرة عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
» أقوال العلماء في نجاة والدي الرسول صلى الله عليه وسلم
» تعدد زوجات الرسول صلي الله عليه وسلم
» قصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم الى الطائف
» ترجمة مختصرة عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
» أقوال العلماء في نجاة والدي الرسول صلى الله عليه وسلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين يوليو 13, 2015 1:22 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» مقدمة في الدراسات السودانية
الأربعاء أبريل 15, 2015 3:21 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» الممالك السودانية القديمة
الأحد فبراير 15, 2015 2:29 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» التعريف بالقرآن الكريم
الأحد ديسمبر 14, 2014 12:57 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» أقصرتُ مذ عاد الزمانُ فأقْصَرا
الثلاثاء نوفمبر 25, 2014 1:33 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» قصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم الى الطائف
الأربعاء مايو 28, 2014 1:34 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» قصة تحويل القبلة الى الكعبة
الأربعاء مايو 14, 2014 4:57 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» حديث الاسراء والمعراج
الخميس مايو 08, 2014 4:56 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» استقبال شهر الله رجب الأصب
الإثنين مايو 05, 2014 4:14 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ