بحـث
المواضيع الأخيرة
صفات عباد الرحمن : الفرقان (63-76)
صفحة 1 من اصل 1
صفات عباد الرحمن : الفرقان (63-76)
بسم الله الرحمن الرحيم
صفات عباد الرحمن : الفرقان (63-76)
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) ومَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)
شرح الكلمات :
{ يمشون على الأرض هوناً } : في سكينة ووقار .
{ وإذا خاطبهم الجاهلون } : أي بما يكرهون من الأقوال .
{ قالوا سلاماً } : أي قولاً يسلمون به من الإثم ، ويسمى هذا سلام المتاركة .
{ سجداً وقياماً } : أي يصلون بالليل سجداً جمع ساجد .
{ إن عذابها كان غراماً } : أي عذاب جهنم كان لازماً لا يفارق صاحبه .
{ إنها ساءت مستقراً ومقاماً } : أي بئست مستقراً وموضع إقامة واستقرار .
{ لم يسرفوا ولم يقتروا } : أي لم يبذروا ولم يضيقوا .
{ وكان بين ذلك قواماً } : أي بين الإسراف والتقتير وسطاً .
{ التي حرم الله } : وهي كل نفس آدمية إلا نفس الكافر المحارب .
{ إلا بالحق } : وهو واحد من ثلاث : كفر بعد إيمان أو زنى بعد إحصان أو قتل ظلم وعدوان .
{ يلق أثاماً } : أي عقوبة شديدة .
{ يبدل الله سيئاتهم حسنات } : بأن يمحو بالتوبة سوابق معاصيهم ، ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم .
{ لا يشهدون الزور } : أي لا يحضرون مجالسه ولا يشهدون بالكذب والباطل .
{ وإذا مروا باللغو } : أي بالكلام السيء القبيح وكل مالا خير فيه .
{ مروا كراماً } : أي معرضين عنه مكرمين أنفسهم عن سماعة أو المشاركة فيه .
{ وإذا ذكروا بآيات ربهم } : أي إذا وعظوا بآيات القرآن .
{ لم يخروا عليها صماً وعمياناً } : أي لم يطأطئوا رؤوسهم حال سماعها عمياً لا يبصرون ولا صماً لا يسمعون بل يصغون يسمعون ويعون ما تدعو إليه ويبصرون ما تعرضه .
{ قرة أعين } : أي ما تقر به أعيننا وهو أن تراهم مطيعين لك يعبدونك وحدك .
{ واجعلنا للمتقين إماماً } : أي من عبادك الذين يتقون سخطك بطاعتك قدوة يقتدون بنا في الخير .
{ يجزون الغرفة } : أي الدرجة العليا في الجنة .
{ بما صبروا } : أي على طاعتك بامتثال الأمر واجتناب النهي .
{ حسنت مستقراً ومقاماً } : أي صلحت وطابت مستقراً لهم أي موضع استقرار وإقامة .
معنى الآيات :
لما أنكر المشركون الرحمن { وقالوا وما الرحمن } وأبوا أن يسجدوا للرحمن ، وقالوا أن محمداً ينهانا عن الشرك وهو يدعو مع الله الرحمن فيقول يا الله يا رحمن ، ناسب لتجاهلهم هذا الاسم الرحمن أن يذكر لهم صفات عباد الرحمن ليعرفوا الرحمن بعباده على حد « خيركم من إذا رُؤي ذُكر الله » فقال تعالى { وعباد الرحمن } ووصفهم بثمان صفات وأخبر عنهم بما أعده لهم من كرامة يوم القيامة ،
الأولى في قوله { الذي يمشون على الأرض هوناً }:
أي ليسوا جبابرة متكبرين ، ولا عصاة مفسدين ولكن يمشون متواضعين عليهم السكينة والوقار ، { وإذا خاطبهم الجاهلون } أي السفهاء بما يكرهون من القول قالوا قولاً يسلمون به من الإثم فلم يردوا السيئة بالسيئة ولكن بالحسنة .
الثانية : في قوله { والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً } :
أي يقضون ليلهم بين السجود والقيام يصفون أقدامهم ويذرفون دموعهم على خدودهم خوفاً من عذاب ربهم .
والثالثة : في قوله { والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم }:
أي إنهم لقوة يقينهم كأنهم شاعرون بلهب جهنم يدنو من وجوههم فقالوا { ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما } أي مُلحّاً لازماً لا يفارق صاحبه ، { إنها ساءت } أي جهنم { مستقراً ومقاماً } أي بئست موضع إقامة واستقرار .
والرابعة : في قوله { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا } :
أي في إنفاقهم فيتجاوزوا الحد المطلوب منهم ، ولم يقتروا فيقصروا في الواجب عليهم وكان إنفاقهم بين الإسراف والتقتير قواماً أي عدلاً وسطاً .
والخامسة : { والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر } :
أي لا يسألون غير ربهم قضاء حوائجهم كما لا يشركون بعبادة ربهم أحداً { ولا يقتلون النفس التي حرم الله } قتلها وهي كل نفس آدمية ما عدا نفس الكافر المحارب فإنها مباحة القتل غير محرمة . { إلا بالحق } وهو واحدة من ثلاث خصال بينها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الصحيحين:
« لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة» { ولا يزنون } أي لا يرتكبون فاحشة الزنا والزنا نكاح على غير شرط النكاح المباح وقوله تعالى { ومن يفعل ذلك } هذا كلام معترض بين صفات عباد الرحمن . أي ومن يفعل ذلك المذكور من الشرك بدعاء غير الرب أو قتل النفس بغير حق ، أو زنا { يلق إثاماً } أي عقاباً { يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه } أي في العذاب { مهاناً } مخزياً ذليلاً ، وقوله تعالى { إلا من تاب } من الشرك وآمن بالله وبلقائه وبرسوله وما جاء به من الدين الحق { وعمل صالحاً } من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج بيت الله الحرام { فأولئك } المذكورون أي التائبون { يبدل الله سيئاتهم حسنات } أي يمحو سيآتهم بتوبتهم ويكتب لهم مكانهم صالحات أعمالهم وطاعاتهم بعد توبتهم { وكان الله غفوراً رحيماً } ذا مغفرة للتائبين من عباده ذا رحمة بهم فلا يعذبهم بعد توبته عليهم ، وقوله { ومن تاب } من غير هؤلاء المذكورين أي رجع إلى الله تعالى بعد غشيانه الذنوب { وعمل صالحاً } بعد توبته { فإنه يتوب إلى الله متاباً } أي يرجع إليه تعالى مرجعاً مرضياً حسناُ فيكرمه وينعمه في دار كرامته .
والسادسة : في قوله تعالى { والذين لا يشهدون الزور }:
الزور هو الباطل والكذب وعباد الرحمن لا يحضرون مجالسه ولا يقولونه ولا يشهدونه ولاينطقون به { وإذا أمروا باللغو } وهو كل عمل وقول لا خير فيه { مروا كراماً } أي مكرمين أنفسهم من التلوث به ، بالوقوع فيه .
والسابعة : في قوله تعالى { والذين إذا ذكروا بآيات ربهم } :
أي إذا ذكرهم أحد بآيات القرآن كتاب ربهم عز وجل لم يحنوا رؤوسهم عليها صماً حتى لا يسمعوا مواعظها ولا عمياناً حتى لا يشاهدوا آثار آياتها بل يحنون رؤوسهم سامعين لها واعين لما تقوله وتدعو إليه مبصرين آثارها مشاهدين وقائعها متأثرين بها .
والثامنة : فى قوله تعالى { والذين يقولون } :
أي في دعائهم { ربنا هب لنا } أي أعطنا { من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين } أي ما تقر به أعيننا وذلك بأن نراهم يتعلمون الهدى ويعملون به طلباً لمرضاتك يا ربنا {واجعلنا للمتقين } من عبادك الذين يتقون سخطك بطاعتك بفعل أمرك وأمر رسولك واجتناب نهيك ونهي رسولك { واجعلنا للمتقين إماما } أي قدوة صالحة يقتدون بنا في الخير يا ربنا . قال تعالى مخبراً عنهم بما أنعم به عليهم . { أولئك } أي السامون أنفساً العالون أرواحاً { يجزون الغرقة } وهي الدرجة العليا في الجنة { بما صبروا } على طاعة مولاهم ، وما يلحقهم من أذى في ذات ربهم { ويلقون فيها } أي تتلقاهم الملائكة بالتهاني والتحيات { تحية وسلاماً } أي بالدعاء بالحياة السعيدة والسلامة من الآفات إذ هي حياة بلا ممات ، وسعادة بلا منغصات
من هداية الآيات :
1- بيان صفات عباد الرحمن الذين بهم يعرف الرحمن عز وجل .
2- فضيلة التواضع والسكينة في المشي والوقار .
3- فضيلة رد السيئة بالحسنة والقول السليم من الإثم .
5- فضيلة الاعتدال والقصد في النفقة وهي الحسنة بين السيئتين .
6- حرمة الشرك وقتل النفس والزنى وأنها أمهات الكبائر .
7- التوبة تجب ما قبلها . والندب إلى التوبة وأنها مقبولة ما لم يغرغر .
8- حرمة شهود الزور وحرمة شهادته .
9- فضيلة الإعراض عن اللغو فعلاً كان أو قولاً .
10- فضيلة تدبر القرآن وحسن الاستماع لتلاوته والاتعاظ بمواعظه والعمل بهدايته .
11- فضيلة علو الهمة وسمو الروح وطلب الكمال والقدوة في الخير .
12- لا قيمة للإنسان وهو أشرف الحيوانات لولا عبادته الله عز وجل فإذا لم يعبده كان شر الخليقة
نقلا عن أيسر التفاسير للجزائري
صفات عباد الرحمن : الفرقان (63-76)
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) ومَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71) وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (72) وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)
شرح الكلمات :
{ يمشون على الأرض هوناً } : في سكينة ووقار .
{ وإذا خاطبهم الجاهلون } : أي بما يكرهون من الأقوال .
{ قالوا سلاماً } : أي قولاً يسلمون به من الإثم ، ويسمى هذا سلام المتاركة .
{ سجداً وقياماً } : أي يصلون بالليل سجداً جمع ساجد .
{ إن عذابها كان غراماً } : أي عذاب جهنم كان لازماً لا يفارق صاحبه .
{ إنها ساءت مستقراً ومقاماً } : أي بئست مستقراً وموضع إقامة واستقرار .
{ لم يسرفوا ولم يقتروا } : أي لم يبذروا ولم يضيقوا .
{ وكان بين ذلك قواماً } : أي بين الإسراف والتقتير وسطاً .
{ التي حرم الله } : وهي كل نفس آدمية إلا نفس الكافر المحارب .
{ إلا بالحق } : وهو واحد من ثلاث : كفر بعد إيمان أو زنى بعد إحصان أو قتل ظلم وعدوان .
{ يلق أثاماً } : أي عقوبة شديدة .
{ يبدل الله سيئاتهم حسنات } : بأن يمحو بالتوبة سوابق معاصيهم ، ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم .
{ لا يشهدون الزور } : أي لا يحضرون مجالسه ولا يشهدون بالكذب والباطل .
{ وإذا مروا باللغو } : أي بالكلام السيء القبيح وكل مالا خير فيه .
{ مروا كراماً } : أي معرضين عنه مكرمين أنفسهم عن سماعة أو المشاركة فيه .
{ وإذا ذكروا بآيات ربهم } : أي إذا وعظوا بآيات القرآن .
{ لم يخروا عليها صماً وعمياناً } : أي لم يطأطئوا رؤوسهم حال سماعها عمياً لا يبصرون ولا صماً لا يسمعون بل يصغون يسمعون ويعون ما تدعو إليه ويبصرون ما تعرضه .
{ قرة أعين } : أي ما تقر به أعيننا وهو أن تراهم مطيعين لك يعبدونك وحدك .
{ واجعلنا للمتقين إماماً } : أي من عبادك الذين يتقون سخطك بطاعتك قدوة يقتدون بنا في الخير .
{ يجزون الغرفة } : أي الدرجة العليا في الجنة .
{ بما صبروا } : أي على طاعتك بامتثال الأمر واجتناب النهي .
{ حسنت مستقراً ومقاماً } : أي صلحت وطابت مستقراً لهم أي موضع استقرار وإقامة .
معنى الآيات :
لما أنكر المشركون الرحمن { وقالوا وما الرحمن } وأبوا أن يسجدوا للرحمن ، وقالوا أن محمداً ينهانا عن الشرك وهو يدعو مع الله الرحمن فيقول يا الله يا رحمن ، ناسب لتجاهلهم هذا الاسم الرحمن أن يذكر لهم صفات عباد الرحمن ليعرفوا الرحمن بعباده على حد « خيركم من إذا رُؤي ذُكر الله » فقال تعالى { وعباد الرحمن } ووصفهم بثمان صفات وأخبر عنهم بما أعده لهم من كرامة يوم القيامة ،
الأولى في قوله { الذي يمشون على الأرض هوناً }:
أي ليسوا جبابرة متكبرين ، ولا عصاة مفسدين ولكن يمشون متواضعين عليهم السكينة والوقار ، { وإذا خاطبهم الجاهلون } أي السفهاء بما يكرهون من القول قالوا قولاً يسلمون به من الإثم فلم يردوا السيئة بالسيئة ولكن بالحسنة .
الثانية : في قوله { والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً } :
أي يقضون ليلهم بين السجود والقيام يصفون أقدامهم ويذرفون دموعهم على خدودهم خوفاً من عذاب ربهم .
والثالثة : في قوله { والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم }:
أي إنهم لقوة يقينهم كأنهم شاعرون بلهب جهنم يدنو من وجوههم فقالوا { ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما } أي مُلحّاً لازماً لا يفارق صاحبه ، { إنها ساءت } أي جهنم { مستقراً ومقاماً } أي بئست موضع إقامة واستقرار .
والرابعة : في قوله { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا } :
أي في إنفاقهم فيتجاوزوا الحد المطلوب منهم ، ولم يقتروا فيقصروا في الواجب عليهم وكان إنفاقهم بين الإسراف والتقتير قواماً أي عدلاً وسطاً .
والخامسة : { والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر } :
أي لا يسألون غير ربهم قضاء حوائجهم كما لا يشركون بعبادة ربهم أحداً { ولا يقتلون النفس التي حرم الله } قتلها وهي كل نفس آدمية ما عدا نفس الكافر المحارب فإنها مباحة القتل غير محرمة . { إلا بالحق } وهو واحدة من ثلاث خصال بينها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الصحيحين:
« لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة» { ولا يزنون } أي لا يرتكبون فاحشة الزنا والزنا نكاح على غير شرط النكاح المباح وقوله تعالى { ومن يفعل ذلك } هذا كلام معترض بين صفات عباد الرحمن . أي ومن يفعل ذلك المذكور من الشرك بدعاء غير الرب أو قتل النفس بغير حق ، أو زنا { يلق إثاماً } أي عقاباً { يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه } أي في العذاب { مهاناً } مخزياً ذليلاً ، وقوله تعالى { إلا من تاب } من الشرك وآمن بالله وبلقائه وبرسوله وما جاء به من الدين الحق { وعمل صالحاً } من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج بيت الله الحرام { فأولئك } المذكورون أي التائبون { يبدل الله سيئاتهم حسنات } أي يمحو سيآتهم بتوبتهم ويكتب لهم مكانهم صالحات أعمالهم وطاعاتهم بعد توبتهم { وكان الله غفوراً رحيماً } ذا مغفرة للتائبين من عباده ذا رحمة بهم فلا يعذبهم بعد توبته عليهم ، وقوله { ومن تاب } من غير هؤلاء المذكورين أي رجع إلى الله تعالى بعد غشيانه الذنوب { وعمل صالحاً } بعد توبته { فإنه يتوب إلى الله متاباً } أي يرجع إليه تعالى مرجعاً مرضياً حسناُ فيكرمه وينعمه في دار كرامته .
والسادسة : في قوله تعالى { والذين لا يشهدون الزور }:
الزور هو الباطل والكذب وعباد الرحمن لا يحضرون مجالسه ولا يقولونه ولا يشهدونه ولاينطقون به { وإذا أمروا باللغو } وهو كل عمل وقول لا خير فيه { مروا كراماً } أي مكرمين أنفسهم من التلوث به ، بالوقوع فيه .
والسابعة : في قوله تعالى { والذين إذا ذكروا بآيات ربهم } :
أي إذا ذكرهم أحد بآيات القرآن كتاب ربهم عز وجل لم يحنوا رؤوسهم عليها صماً حتى لا يسمعوا مواعظها ولا عمياناً حتى لا يشاهدوا آثار آياتها بل يحنون رؤوسهم سامعين لها واعين لما تقوله وتدعو إليه مبصرين آثارها مشاهدين وقائعها متأثرين بها .
والثامنة : فى قوله تعالى { والذين يقولون } :
أي في دعائهم { ربنا هب لنا } أي أعطنا { من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين } أي ما تقر به أعيننا وذلك بأن نراهم يتعلمون الهدى ويعملون به طلباً لمرضاتك يا ربنا {واجعلنا للمتقين } من عبادك الذين يتقون سخطك بطاعتك بفعل أمرك وأمر رسولك واجتناب نهيك ونهي رسولك { واجعلنا للمتقين إماما } أي قدوة صالحة يقتدون بنا في الخير يا ربنا . قال تعالى مخبراً عنهم بما أنعم به عليهم . { أولئك } أي السامون أنفساً العالون أرواحاً { يجزون الغرقة } وهي الدرجة العليا في الجنة { بما صبروا } على طاعة مولاهم ، وما يلحقهم من أذى في ذات ربهم { ويلقون فيها } أي تتلقاهم الملائكة بالتهاني والتحيات { تحية وسلاماً } أي بالدعاء بالحياة السعيدة والسلامة من الآفات إذ هي حياة بلا ممات ، وسعادة بلا منغصات
من هداية الآيات :
1- بيان صفات عباد الرحمن الذين بهم يعرف الرحمن عز وجل .
2- فضيلة التواضع والسكينة في المشي والوقار .
3- فضيلة رد السيئة بالحسنة والقول السليم من الإثم .
5- فضيلة الاعتدال والقصد في النفقة وهي الحسنة بين السيئتين .
6- حرمة الشرك وقتل النفس والزنى وأنها أمهات الكبائر .
7- التوبة تجب ما قبلها . والندب إلى التوبة وأنها مقبولة ما لم يغرغر .
8- حرمة شهود الزور وحرمة شهادته .
9- فضيلة الإعراض عن اللغو فعلاً كان أو قولاً .
10- فضيلة تدبر القرآن وحسن الاستماع لتلاوته والاتعاظ بمواعظه والعمل بهدايته .
11- فضيلة علو الهمة وسمو الروح وطلب الكمال والقدوة في الخير .
12- لا قيمة للإنسان وهو أشرف الحيوانات لولا عبادته الله عز وجل فإذا لم يعبده كان شر الخليقة
نقلا عن أيسر التفاسير للجزائري
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الإثنين يوليو 13, 2015 1:22 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» مقدمة في الدراسات السودانية
الأربعاء أبريل 15, 2015 3:21 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» الممالك السودانية القديمة
الأحد فبراير 15, 2015 2:29 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» التعريف بالقرآن الكريم
الأحد ديسمبر 14, 2014 12:57 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» أقصرتُ مذ عاد الزمانُ فأقْصَرا
الثلاثاء نوفمبر 25, 2014 1:33 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» قصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم الى الطائف
الأربعاء مايو 28, 2014 1:34 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» قصة تحويل القبلة الى الكعبة
الأربعاء مايو 14, 2014 4:57 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» حديث الاسراء والمعراج
الخميس مايو 08, 2014 4:56 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ
» استقبال شهر الله رجب الأصب
الإثنين مايو 05, 2014 4:14 pm من طرف حسب الرسول الطيب الشيخ